في اطار الاسبوع الثقافي السادس الذي كان موضعه الاسرة والمجتمع وبشعار الاسرة طاقة مدخرة لمجتمع واعد قدمت الزميلة قيروان الزهراء الموضوع التالي الذي نتمنى ان يكون في المستوى :
تمهيد/
يعتبر موضوع التنشئة الاجتماعية من المواضيع الهامة التي تناولها الباحثون في مجال علم النفس والاجتماع سواء من ناحية المضامين أو الأساليب نظرا لأهمية هذا الموضوع في إعداد الأجيال القادمة التي ستحافظ على استمرارية وجود المجتمع ماديا ومعنويا.
التنشئة الاجتماعية:
هي عملية يكتسب الأطفال من خلالها الحكم الخلقي والضبط الذاتي اللازم لهم حتى يصبحوا أعضاء راشدين مسوؤلين في مجتمعهم.
أوهي عملية تعلم وتعليم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى إكساب الفرد (طفلا فمراهقا فراشدا فشيخا) سلوكا ومعاير واتجاهات مناسبة لادوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها وتكسبه الطابع الاجتماعي وتسير له الاندماج في الحياة الاجتماعية .
وتساهم أطراف عديدة في عملية التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والمسجد والرفقاء وغيرها إلا أن أهمها الأسرة بلا شك كونها المجتمع الإنساني الأول الذي يعيش فيه الطفل والذي تنفر في تشكيل شخصية الطفل لسنوات عديدة من حياته تعتبر حاسمة في بناء شخصيته.
أهداف التنشئة الاجتماعية:
- غرس عوامل ضبط الداخلية للسلوك وتلك التي يريحها الضمير وتصبح جزءا أساسيا لذا فان مكونات الضمير إذا كانت من الأنواع الايجابية فان هذا الضمير يوصف بأنه حي وأفضل أسلوب لإقامة نسق الضمير في ذات الطفل أن يكون الأبوين قدوة لأبنائهما حيث ينبغي أن لا يأتي احدهما أو كلا هما بنمط سلوكي مخالف للقيم الدينية والآداب الاجتماعي .
- توفير الجو الاجتماعي السليم الصالح واللازم لعملية التنشئة الاجتماعية حيث يتوفر الجو الاجتماعي لطفل من وجوده في أسرة مكتملة تضم الأب والأم والإخوة حيث يلعب كل منهم دور في حياة الطفل.
- تحقيق النضج النفسي حيث لايكفي لكي تكون الأسرة سليمة متمتعة بالصحة أن تكون العلاقة السائدة بين هذه العناصر متزنة وسليمة وإلا تعثر الطفل في نموه النفسي والواقع وان الأسرة تنجح في تحقيق النضج النفسي لطفل إذا ما نجحت في توفير العناصر التالية :
• تفهم الوالدين وإدراكهما الحقيقي في معاملة الطفل وإدراك الوالدين ووعيهما بحاجة الطفل السيكولوجية والعاطفية المرتبطة بنموه وتطور نمو فكرته عن نفسه وعن علاقته بغيره من الناس وإدراك الولدين لرغبة الطفل ودوافعه التي تكون راء سلوكه وقد يعجز عن التعبير عنها.
• تعليم الطفل المهارات التي تمكنه من الاندماج في المجتمع والتعاون مع أعضاءه والاشتراك في نواحي النشاط المختلفة وتعليمه أدواره ماله وما عليه وطريقة التنسيق بينهما وبين تصرفاته في مختلف المواقف وتعليمه كيف يكون عضوا نافعا في المجتمع وتقويم وضبط سلوكه.
آليات التنشئة الاجتماعية:
تستخدم الأسرة آليات متعددة لتحقيق وظائفها في التنشئة الاجتماعية وهذه الآليات تدور حول مفهوم التعلم الاجتماعي الذي يعتبر الآلية المركزية لتنشئة الاجتماعية في كل المجتمعات مهما اختلفت نظرياتها وأساليب التنشئة ومهما تعددت وتنوعت مضامينها في التربية.
وللتنشئة خمس آليات هي:
• التقليد /فالطفل يقلد والديه ومعلميه وبعض الشخصيات الإعلامية أو بعض رفاقه.
• الملاحظة / يتم التعلم فيها من خلال الملاحظة لنموذج سلوكي وتقليده حرفيا.
• التوحد / ويقصد به التقليد آلا شعوري وغير المقصود لسلوك النموذج.
• الثواب والعقاب / استخدام الثواب في تعلم السلوك المرغوب والعقاب في كف السلوك غير المرغوب.
صفات وخصائص التنشئة الاجتماعية:
- تعتبر التنشئة الاجتماعية عملية تعلم اجتماعي يتعلم فيها الفرد عن طريق التفاعل الاجتماعي أدواره الاجتماعية والمعاير الاجتماعية التي تحدد هذه الأدوار ويكتسب هذه الاتجاهات والأنماط السلوكية التي ترتقيها الجماعة ويوافق عليها المجتمع .
- عملية نمو يتحول من خلالها الفرد من طفل يعتمد على غيره متمركز حول ذاته لا يهدف من حياته إلا إشباع الحاجات الفسيولوجية التي فرد ناجح يدرك معنى المسؤولية الاجتماعية وتحولها مع ما يتفق مع القيم والمعاير الاجتماعية .
- أنها عملية مستمرة تبدأ بالحياة ولا تنتهي ألا بانتهائها .
- تختلف من مجتمع إلى أخر بالدرجة ولا كنها لا تختلف بالنوع .
- التنشئة الاجتماعية لا تعني صب أفراد المجتمع في بوتقة واحدة بل تعني اكتساب كل فرد شخصية اجتماعية متميزة قادرة على التحرك والنمو الاجتماعي في إطار ثقافي معين على ضوء عوامل وراثية بيئية .
ومن خصائص التنشئة أيضا إنها تاريخية : أي ممتدة عبر التاريخ وإنسانية يتميز بها الإنسان دون الحيوان وتلقائية أي ليست من صنع فرد أو مجموعة من الأفراد بل هي من صنع المجتمع وهي نسبية أي تخضع لأثر الزمن والمكان وجبرية أي يجبر الأفراد على إتباعها وهي عامة منتشرة في جميع المجتمعات .
شروط التنشئة الاجتماعية :
1 – وجود مجتمع : الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الجماعة فهو منذ أن يولد يمر بجماعات مختلفة فينتقل من جماعة إلى أخرى محققا بذالك إشباع حاجاته المختلفة والمجتمع يمثل المحيط الذي ينشئ فيه الطفل اجتماعيا و ثقافيا وبذالك تتحقق التنشئة الاجتماعية من خلال نقل الثقافة والمشاركة في تكوين العلاقات مع باقي أفراد الأسرة بهدف تحقيق تماسك المجتمع وللمجتمع عدة معاير وملامح مميزة له وتمثل : بالمعايير والمكانة والمؤسسات والثقافة .
2 – توفير بيئة بيولوجية سليمة :توفير البيئة البيولوجية السليمة لطفل يمثل أساس جوهري وذالكم لان عملية التنشئة الاجتماعية تكون مستحيلة إذا كان الطفل معتلا أو معتوها خاصة وان هذه المشكلة ستبقى ملازمة ودائما تميزه عن غيره وبالرغم من ذالك فان المجتمع ملزم بتوفير كافة الوسائل التي من شانها تسهيل عملية التنشئة الاجتماعية لهذه الفئة من الناس فمن الواضح أن الطبيعة البيولوجية للإنسان تكون وتشكل الجسم وهي بذالك لها اثر كبير في التنشئة الاجتماعية ولا يمكن عزل العوامل البيولوجية عن الواقع الاجتماعي .
3 – توفر الطابع الإنساني : وهو أن يكون الطفل أو الفرد ذو طبيعة إنسانية سليمة وقادرة على أن يقيم علا قات وجدانية مع الآخرين وهي الشيء الذي يميز الإنسان عن غيره من الحيوانات وتألف الطبيعة الإنسانية من العواطف وتعتبر المشاركة هي أكثر العواطف أهمية وهي تدخل في عواطف أخرى كالحب والكراهية والطموح والشعور بالخطأ والصواب والعواطف الموجودة في العقل الإنساني تكتسب عن طريق المشاركة وتزول بفعل الانطواء وهنا يأتي دور التنشئة الاجتماعية في دفع الإنسان إلى المشاركة الفعالة في واقعه الاجتماعي المحيط به .
العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية :
العائلة هي أول عالم اجتماعي يواجه الطفل وأفراد الأسرة هم مرآة لكل طفل لكي يرى نفسه والأسرة بالتالي لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية ولكنها ليست الوحيدة في لعب هذا الدور ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات المختلفة التي أخذت هذه الوظيفة من الأسرة لذالك قد تعددت العوامل التي كان لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية سواء كانت عوامل داخلية أم خارجية وسوف نعرض هذه العوامل من واقع مجتمعنا الذي نعيش :
أولا : العوامل الداخلية :
1 – الدين : ويؤثر الدين بصورة كبيرة في عملية التنشئة الاجتماعية وذالك بسبب اختلاف الأديان والطباع التي تنبع من كل دين لذالك يحرص كل دين على تنشئة أفراده حسب المبادئ والأفكار التي ويؤمن بها .
2 – الأسرة : هي الوحدة الاجتماعية التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني فهي أول مايقابل الإنسان وهي التي تساهم بشكل أساسي في تكوين شخصية الطفل من خلال التفاعل والعلاقات بين الأفراد لذالك فهي أول العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية ويوثر حجم الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية وخاصة في أساليب ممارستها حيث أن تناقص حجم الأسرة يعتبر عاملا من عوامل زيادة الرعاية المبذولة للطفل .
3 – نوع العلاقات الأسرية : تؤثر العلاقات الأسرية في عملية التنشئة الاجتماعية حيث أن السعاة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة مما يخلق جوا يساعد على نمو الطفل بطريقة متكاملة .
4 – الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الأسرة :تعد الطبقة التي تنتمي إليها الأسرة عاملا مهما في نمو الفرد حيث تصبغ وتشكل وتضبط النظم التي تساهم في تشكيل شخصية الطفل فالأسرة تعتبر أهم محور في نقل الثقافة والقيم للطفل التي تصبح جزءا جوهريا فيما بعد .
5- الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسرة : لقد أكدت العديد من الدراسات أن هنالك ارتباطا ايجابيا بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لطفل وبين الفرص التي تقدم لنمو الطفل والوضع الاقتصادي من احد العوامل المسئولة عن شخصية الطفل ونموه الاجتماعي .
6 – المستوى التعليمي والثقافي للأسرة : ويؤثر ذالك من حيث مدى إدراك الأسرة لحاجات الطفل وكيفية إشباعها والأساليب التربوية المناسبة للتعامل مع الطفل .
7 – نوع الطفل
ذكر أو أنثى ) وتربيته في الأسرة : حيث أن ادوار الذكر تختلف عن ادوار الأنثى فالطفل الذكر ينمو في داخله المسؤولية والقيادة والاعتماد على النفس في حين أن الأنثى في المجتمعات الشرقية خاصة لا تنمو فيها هذه الأدوار كما أن تربية الأطفال في الأسرة كأول الأطفال أو الأخير أو الوسط له علاقة بعملية التنشئة الاجتماعية سواء بالتدليل أو عدم خبرة الأسرة بالتنشئة الاجتماعية .
ثانيا : العوامل الخارجية :
1 – المؤسسات التعليمية : وتتمثل في دور الحضانة والمدارس والجامعات ومراكز التأهيل المختلفة .
2 – جماعة الرفقاء : حيث الأصدقاء من المدرسة أو الجامعة أو النادي أو الجيران وقاطني نفس المكان وجماعات الفكر والعقيدة والتنظيمات المختلفة .
3 – دور العبادة : مثل المساجد وأماكن العبادة المختلفة .
4 – ثقافة المجتمع :لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة له والتي تكون لها صلة وثيقة بشخصيات من يحتضنه الأفراد .لذالك فثقافة المجتمع تؤثر بشكل أساسي في التنشئة وفي صنع الشخصية القومية .
5- الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع :حيث انه كلما كان المجتمع أكثر هدوءا واستقرارا ولديه الكفاية الاقتصادية كلما ساهم ذالك بشكل ايجابي في التنشئة الاجتماعية وكلما اكتنفته الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي كان العكس صحيح.
6 – وسائل الإعلام : لعل اخطر ما يهدد التنشئة الاجتماعية هو الغزو الثقافي الذي يتعرض له الأطفال من خلا وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التلفزيون حيث يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها الأطفال إضافة إلى تعليهم العديد من القيم الأخرى والدخيلة على الثقافة وانتهاء عصر جدات زمان وحكاياتهن إلى عصر الحكاوي عن طريق الرسوم المتحركة .
مؤسسات التنشئة الاجتماعية:
تتم عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق مؤسسات اجتماعية متعددة تعمل وكالات للتنشئة نيابة عن المجتمع أهمها الأسرة والمدرسة ودور العبادة وجماعة الرفقاء ووسائل الإعلام ودور كل مؤسسة كما يلي :
- الأسرة هي الممثلة الأولى للثقافة وأقوىا لجماعات تأثيرا في سلوك الفرد وهي المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل والعامل الأول في صبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية فتشرف على توجيه سلوكه وتكوين شخصيته .
- المدرسة : هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة لنمو الطفل جسميا وعقليا وانفعاليا واجتماعيا وتعلم المزيد من المعاير الاجتماعية والأدوار الاجتماعية .
- دور العبادة : تعمل دور العبادة على تعليم الفرد والجماعة التعاليم والمعاير الدينية التي تمد الفرد بإطار سلوكي معياري وتنمية الصغير وتوحيد السلوك الاجتماعي والتقريب بين الطبقات وترجمة التعاليم الدينية إلى سلوك عملي .
- جماعة الأقران : يتلخص دورها في تكوين معاير اجتماعية جديدة وتنمية اتجاهات نفسية جديدة والمساعدة في تحقيق الاستقلال واتاحت الفرصة لتجريب وإشباع حجات الفرد للمكانة والانتماء .
- وسائل الإعلام : يتلخص دورها في نشر المعلومات المتنوعة وإشباع الحاجات النفسية المختلفة ودعم الاتجاهات النفسية وتعزيز القيم والمعتقدات أو تعديلها والتوافق في المواقف الجديدة .
من إعداد: قيروان الزهراء